تكاليف الزواج الباهظة في مجتمعاتنا حولته لعبء على الشباب

فيما يخص الزواج فأن الشيء المتفق عليه في معظم المجتمعات العربية هو تأخر سن الزواج في السنوات الأخيرة لمراحل متأخرة من عمر الشباب والفتيات، بل وتعدت المشكلة ذلك إلى العنوسة ولم يعد يرتبط هذا المصطلح بالفتيات فقط، حتى نحن الشباب صرنا نخشى هذا المصطلح وصار ينطبق على الكثير منا.

تكاليف الزواج الباهظة في مجتمعاتنا حولته لعبء على الشباب

تكاليف الزواج في الدول العربية تعد العائق والمسبب الأول لكل مشاكل الزواج وتأخرها في مجتمعاتنا العربية. المهور الغالية، وما يفرضه المجتمع على الرجل جراء العادات والتقاليد فيما يخص عادات الزفاف، والتكاليف الباهظة لذلك وما يستلزمه البيت الجديد، مع سوء الأوضاع الاقتصادية لمعظم الطبقات المجتمعية بات يجد الرجل الزواج عبء لا يمكن تحمله في واقعه الراهن ومن الأفضل في نظره أن ينسى الموضوع حاليًا، هذا إذا لم يعتبره من المستحيل.

وفي أحسن الأحوال يضطر الرجل إلى الاستدانة والاقتراض حتى يستطيع تحمل ما يلزمه الزواج من تكاليف، وبالتالي يبدأ الرجل حياته الأسرية وهو مثقل بالديون، الأمر الذي يدفعه إلى النظر إلى زوجته وكأنها عبء عليه من بداية حياته الزوجية.

تكاليف الزواج الباهظة من وجهة نظر أخرى

في المقابل هناك من يبرر مسألة المهور الغالية وما يطلبه الأهالي كمهر لفتياتهم والتكاليف الأخرى للزواج بأن ذلك يعزز من مكانة الفتاة ويزيد من ثقتها بنفسها بين قريناتها من الفتيات، إضافة إلى إنه يدفع الرجل إلى أن يقدر المرأة ويقدر قيمتها من البداية وفقًا للمهر المرتفع الذي دفعه. وبالتالي الفتاة في نظرهم قيمتها من قيمة المال (المهر) الذي دفعه الشباب.

أهم أسباب ارتفاع المهور في معظم الدول العربية

مبلغ المال الذي يدفعه الشاب كمهر للفتاة هو أساس تكاليف الزواج، وارتفاعه هو الذي يجعل تكاليف الزواج عمومًا مرتفعة. لنلقي نظرة على أهم العوامل المؤثرة في ارتفاع المهور في دولنا العربية.

قيمة المهر مساوية للطبقة الاجتماعية التي ينتمي لها الأهل

في معظم الحالات وكونك رجل يجب أن تكون على دراية ومعرفة بالمستوى الاجتماعي الذي تنتمي له الفتاة التي تنوي التقدم لها، فالمستوى الاجتماعي له دور كبير في تحديد المهر الذي يحدده الأب لأبنته.

وفي حال كنت في وضع أقل من المستوى الذي ينتمي له أهل الفتاة؛ ففي الغالب سيطلب منك مهر باهظ فوق استطاعتك، هذا طبعًا إذا قبل أهل الفتاة مصاهرتك في هكذا الحال. أما إن كنت من مستوى أفضل من مستوى أهلها للفتاة فلا تقلق بشأن ذلك فالأمور محلولة إذن.

طبعًا والمقصود بالمستوى الاجتماعي هو وضعك المادي بكل تأكيد.

الهجرة تغير المعادلة

ما يعرفه الأهل عن الشباب المهاجرين بأنهم أكثر ثراءً من غيرهم وأكثر قدرة واستطاعة على تحمل تكاليف الزواج؛ مما يدفعهم لطلب مهر غالٍ أكثر من المعتاد نظرًا لأوضاعهم المادية الميسورة في الغربة من وجهة نظرهم.

دعاوى الأهل بـ “حماية الفتاة”

عندما يسمع الأهالي عن الأزمات الزوجية والمشاكل التي تحصل بين الأزواج والتي تصل في كثير من الأحيان إلى الطلاق أو تخلي الزوج عن الزوجة بشكل ما؛ يدفعهم هذا الأمر إلى محاولة رفع المهر للفتاة بدعوى حمايتها من مصير مجهول قد يواجهها!!

ما الذي يكلفه الزواج في كل مجتمع؟

رغم اشتراك معظم المجتمعات في تكاليف عالية للزواج إلا إنه ما زال هناك اختلافات بين مجتمع وآخر من ناحية التكلفة المادية. فما الذي يحتاجه الشاب في كل مجتمع من مجتمعاتنا العربية حتى تتم مسألة زواجه.

المهور في دول الخليج هي الأعلى

على الرغم من المستوى المعيشي الجيد في معظم دول الخليج وارتفاع مستوى دخل الفرد هناك بالمقارنة مع باقي الدول العربية، إلا إنه ما زالت المهور مرتفعة وفوق استطاعة الكثيرين من الشباب، هذا عدا عن تكاليف حفل الزفاف وما تفرضه العادات هناك من تكاليف إضافية.

ففي قطر مثلًا قد يصل المهر إلى ما يقارب 100 إلى 150 ألف ريال وقد يزيد عن ذلك في بعض الحالات لدى بعض العوائل. وفي السعودية يصل أحيانًا بين 100 إلى 200 ألف ريال لدى عامة المجتمع، وعند أخرين يتجاوز ذلك بكثير. مما دفع الجهات الحكومية إلى التدخل للحد من ارتفاع المهور وتحديده عند معظم القبائل بـ 50 ألف ريال للبكر، 30 ألف ريال للثيب.

وكذلك الأمر أيضًا في الأمارات فقد اضطر الارتفاع الباهظ للمهور الحكومة للتدخل للحد من الارتفاع وتحديد المهور بمبالغ محددة لا تتجاوز 50 ألف درهم، كذلك حددت الحكومة هناك الحد الأعلى للمبالغ الواجب صرفها على تكاليف الزواج، فقد حددت أيام الاحتفال بأن لا تزيد عن يوم واحد فقط.

في مصر تختلف المهور بين المدن والأرياف

في المجتمع المصري اختلفت الأمور في السنوات الأخيرة ما بين المدن والأرياف، حيث انخفض تمسك الأهالي في المدن بالمهور المرتفعة وعند البعض اقتصرت المهور على تكاليف ما يعرف بـ “الشبكة والقايمة”.

في حين الأرياف معظم العوائل فيها ما زالت تطالب بدفع مهر للعروس من قبل العريس، وتتراوح المهور هناك بين 15 إلى 30 ألف جنيه.

في الأردن المهور فوق استطاعة الشباب

معظم الشباب الأردنيين يشتكون من عدم قدرتهم على تحمل تكاليف الزواج مع تدني مستوى الدخل للفرد، تتراوح المهور هناك بين 3 إلى 5 ألاف دينار لدى الغالبية. بالإضافة لتكاليف الذهب والزفاف والمنزل مما يجعل الأمر فوق الاستطاعة المادية للغالبية الأمر الذي أدى إلى تأخر سن الزواج لدى الشباب والفتيات.

في دول المغرب الشباب أقل تمسكًا بالمهور

في السنوات الأخيرة بات الشباب والفتيات في معظم دول المغرب أقل تمسكًا بالمهور مما كان عليه الوضع سابقًا، حيث غدا الاهتمام أكثر بالود والألفة الذي ينشأ بين الطرفين أما المهر فتحول عند الكثيرين إلى شيء رمزي.

ففي المغرب لا يتعدى عند البعض أحيانًا مئات الدراهم، أما في الجزائر يختلف بين منطقة وأخرى ويتراوح بين ما معدله 900 دولار أمريكي في مناطق الغرب، ويصل إلى 9 الأف دولار في مدن أخرى من البلاد.

في السودان اختفت الكثير من التقاليد لصالح الواقع المدني الجديد

رغم ذلك ما زالت بعض التقاليد تمارس في المناطق الريفية من المدن السودانية إضافة إلى بعض التقاليد والأعراف المرتبطة بالقبائل. ففي بعض القرى يدفع الشاب مهرًا للفتاة على شكل “أبقار”، وقد يصل المهر إلى نحو “25 بقرة” الذي يعادل ثمنها 25 ألف دولار.

أما في المدن تنوب الأموال محل الأبقار المستخدمة في الريف كوسيلة لدفع المهر، ويتم تحديد المهور بناءً على اتفاق أهلي العروس والعريس ويصل لدى بعض القبائل لما يعادل 20 إلى 25 ألف دولار.

أخيرًا، لابد من الاعتراف إن مسألة المهور في السابق كانت تعد من تراث وعادات المنطقة أو القبيلة، وكان الجميع يشارك ويساعد الشاب المقبل على الزواج في تحمل التكاليف. أما اليوم فمن غير المناسب ربط المهور بالعادات والتقاليد أو بقيمة الفتاة، وبالتالي إخضاع الشاب لدفع مبلغ باهظ الأمر الذي يدفع الكثيرين إلى العزوف عن فكرة الزواج.

الزواج هو حاجة نفسية وجسدية واجتماعية لكل من الشاب والفتاة، تأخر سن الزواج بالنسبة للطرفين ليس من صالح المجتمع ككل، وبالتالي لابد من تسهيل الأمور والتخلي عن تلك الأفكار والعادات التي لم تعد لائقة لواقعنا ومظاهر حياتنا اليوم.

وبالتالي التركيز أكثر على المستقبل المشترك للشاب والفتاة وأعانتهم على البدء بتأسيس حياتهم المشتركة القائمة على الود والألفة وحسن العشرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *