كثيرًا ما تكون مرحلة ما بعد الولادة وخاصة الولادة الأولى مربكة بعض الشيء بالنسبة للزوجين، العلاقة الزوجية بعد الولادة ونقصد طبيعة العلاقة عمومًا وليس فقط الجانب الحميمي منها، تكون عرضة للكثير من المشاكل والاضطرابات النفسية والجسدية لكل من الزوجة والزوج.
كيف ستكون الحياة بوجود شخص ثالث بينهم؟ وهل ستسمر العلاقة على ما كانت عليه قبل الولادة؟ وهل سيسبب ذلك أي تغييرات في شخصية كل من الطرفين؟
كل هذه الأسئلة وغيرها الكثير تراود كل من الزوجة والزوجة بعد عملية الولادة الأولى، بل ويزداد الأمر سوءًا إذا ما عرفت إنه هناك ما يسمى اكتئاب ما بعد الولادة بالنسبة للزوجة والزوج على حدٍ سواء.
سنتعرف في السطور التالية إلى أبرز المشاكل التي تواجه الزوجين بعد قدوم الطفل الأول، وما هي التغييرات الواجب اتخاذها عند ذلك لضمان أن يكون الطفل عامل للتغيير الإيجابي في الحياة الزوجية.
أبرز التغييرات التي تطرأ على العلاقة الزوجية بعد الولادة
لنكون واضحين قدر الإمكان ونعرف جيدًا ما يجري في حياتنا الزوجية بعد ولادة الطفل لا بد لنا من معرفة إن الحياة بعد ولادة الطفل لن تكون كما كانت قبل ولادته، ومن يقول إن الطفل لن يحدث أي تغيير في الحياة الزوجية لا بد إنه غير صادق، أو لا يعرف ما الذي يحصل في هذه الظروف.
ولادة الطفل الأول للزوجين سيتسبب بالكثير من التغييرات، معرفة هذه التغييرات وفهمها جيدًا يساعد كثيرًا في سرعة التأقلم معها وتجنب التأثيرات السلبية التي قد تحصل، هذا بالإضافة إنه من الضروري أن نتذكر إن التغيير ليس من الضروري أن يكون سلبي أو سيء.
العلاقة مع الزوجة
لعل العلاقة مع الزوجة هي أكثر الأمور التي ستشهد تغير عقب ولادة الطفل وخاصة في الفترة الأولى بعد الولادة، على صعيد الزوجة سيكون هناك العديد من التأثيرات النفسية والجسدية والمزاجية للعديد من العوامل منها على صلة بالاضطرابات الهرمونية التي تحصل مع المرأة كنتيجة حتمية لعملية الولادة لأول مرة بالإضافة للإرضاع وما ينتج عنه من تأثيرات.
الزوج سيلاحظ هذه التغييرات دون أن يعرف ما الذي يجب عليه فعله، وسيكون أكثر توترًا وقلقًا من المعتاد، وفي حالة اضطراب لا تقل عن حالة الاضطراب الذي تكون فيه الزوجة. هذه الظروف ستجعل كل من الطرفين أكثر نفورًا من الآخر وفي حالة ارتباك غير معلن ولا يمكن الحديث عنه.
الشيء الجيد في الموضوع إن هذه الحالة لا تستمر طويلًا ومع غالب الأزواج تقتصر على الأسابيع الأولة لمرحلة ما بعد الولادة، ولكن في كثير من الأحيان وبسبب سوء فهم أي من الزوجة أو الزوجة أو الاثنين معًا لهذه الحالة من الاضطرابات يزداد الأمر سوءًا بمرور الأيام ويتجاوز مجرد الاضطرابات المؤقتة.
معرفة إن هذه الأمور مجرد تقلبات مزاجية نتيجة اضطراب الهرمونات لدى المرأة، ومحاولة التخفيف من ذلك عبر الدعم والمساندة النفسية للزوجة من قبل الزوج سيساهم كثيرًا في الحد من تأثير هذه الظروف على العلاقة الزوجية بعد الولادة قدر الإمكان.
اقرأ أيضًا: إليك أهم ما يجب فعله لحل المشاكل الزوجية قبل تفاقمها
المقارنة بين ما قبل الولادة وبعدها
كثيرًا ما يقع الأزواج وخاصة الزوج في مأزق المقارنة بين ما قبل الولادة وما بعدها، قبل ولادة الطفل كان الزوجين كل منهم هو محور الحياة بالنسبة للأخر، وليس لديهم أي مسؤوليات أخرى سوى إبداء الاهتمام والحب ببعضهم، ولكن بعد الولادة ستختلف الأمور وسيكون في حياتهم الطفل الذي سيحتاج القسم الأكبر من الرعاية والاهتمام من الأم والأب.
هذا الامر يكرس حالة الاضطراب التي تكون سائدة في العلاقة الزوجية بعد الولادة ويزيد من تعقيدها إذا لم يحسن الزوجين التعامل مع الأمر الواقع. إدراك الطرفين إن هذا الأمر طبيعي ولا يمكن أن تبقى الأمور دائمًا على حالها أو كما هي قبل ولادة الطفل، هذا بالإضافة إلى معرفة كيف يمكن التوفيق بين رعاية الأسرة عمومًا ورعاية العلاقة الزوجية بشكلها الخاص كاقتطاع بعض الوقت الخاص لقضائه مع الزوجة وإبداء شيء من الاهتمام والحب من كل طرف تجاه الآخر إلى جانب رعاية الطفل يساعد ذلك في مواجهة مأزق المقارنة هذا بأفضل شكل.
الحياة الجنسية
بالإضافة إلى إنه يجب على الرجل الانتظار حتى ما يقارب الستة أسابيع للعودة إلى ممارسة العلاقة الجنسية مع الزوجة بعد الولادة، إلا إنه مع ذلك قد لا يشعر الطرفين بالجاهزية للعودة لممارسة العلاقة الجنسية حتى بعد مرور هذه الفترة، نتيجة للحالة النفسية والمزاجية والاضطرابات التي يكون فيها كل من الزوج والزوجة.
على العموم ينصح خبراء العلاقات الزوجية بأن يتحادث الطرفين حول هذا الموضوع ومدى استعداد كل منهم للعودة إلى العلاقة الجنسية، وما هي العوائق التي قد تحول دون ذلك في محاولة للوصول إلى تفاهم مشترك حول هذا الأمر، ومن الممكن أن تشهد العلاقة الجنسية بعد وحتى لو استأنفت حالة من البرود أو نقص الحميمية، يمكن الاستعانة بما كنا ذكرناه في هذا المقال للتخلص من حالة البرود العاطفي التي قد تسود الحياة الزوجية.
رابط جديد
بعد أن تعرفنا إلى أهم التغييرات والتأثيرات التي تطرأ على العلاقة الزوجية بعد الولادة والمشاكل التي تواجه الزوجين في مثل هذه الظروف، من الجدير بالذكر إن نشير إلى أهمية وجود طفل في الحياة الزوجية وما يمكن أن يضيف إلى علاقتهم وحياتهم الزوجية تلك.
الطفل بين الزوجين هو رابط جديد يعمق ويكرس العلاقة الزوجية ويجعلها أكثر تماسكًا وانسجام ويزيدها متانةً، وفي كثير من الحالات يكون ولادة الطفل نهاية لسلسلة من المشاكل والأزمات تعصف بالزوجين قبل أن يكون لهم طفل.
عبر تعاون الزوجين في رعاية الطفل والاهتمام به وتبادل الأدوار لذلك كلٌ حسب وقته وإمكانياته، السهر والقلق معًا عند مرضه، والسعادة التي تنتاب الطرفين لسعادته وفرحه كل هذا يزيد من حميمية العلاقة والتواصل بين الزوجين ويجعلهم أكثر انسجامًا في سبيل سعادة وراحة طفلهم.
على الصعيد الاقتصادي
ويذكر أخيرًا إن معظم وسائل الإعلام اليوم من مجلات وبرامج تلفزيونية وغير ذلك تتحدث عن هذا الموضوع من زوايا عدة، ولعل أبرز ما يتم مناقشته عادةً هو الجانب الاقتصادي من الموضوع والتكاليف والأعباء المادية التي ستكون على الزوجين في حال حصولهم على طفل.
وقد يكون الأمر صحيح فاليوم لا يوجد شيء دون تكاليف وثمن، وأمر تربية طفل وتنشئته هو أمر ليس بالهين ولا مجال سوى للاعتراف بذلك، ولكن بالتأكيد ليس الأمر بالسوء الذي تصوره وسائل الإعلام اليوم.
أن يكون لدى الزوجين طفل هو حقهم الطبيعي، وبشيء من حسن التدبير والتنظيم للجانب الاقتصادي من حياة الزوجين ستكون الأمور مناسبة جدًا لتنشئة طفل واثنين وأكثر ربما. أما في حال كنا نعيش في حالة من الفوضى وسوء التدبير وثقافة الاستهلاك الجنوني الشائعة اليوم في الكثير من المجتمعات بالتأكيد سيكون من الصعب على الزوجين تنشئة طفل، هذا إذا لم يواجهوا صعوبة في تأسيس حياة زوجية مكتملة من الأساس.