بغض النظر عن أسباب الطلاق الفعلية، فأن الحقيقة التي لا تخفى على أحد إن نسبه المرتفعة بين الأزواج من الجيل الحالي تصل إلى مستويات عالية وقياسية بالنظر إلى الأجيال السابقة ومعدلات الطلاق التي كانت بينهم. فمثلًا في مصر وصلت عدد حالات الطلاق في العام الواحد إلى أكثر من 175 ألف حالة طلاق وسطيًا، بمعدل 20 حالة طلاق كل ساعة، في السعودية تكاد تصل النسبة إلى نحو 200 حالة طلاق كل يوم.
في حين إنه من المعروف إن الطلاق في الأجيال السابقة لم يكن يصل إلى هذه المعدلات، حتى ولو لم تكن تتوافر إحصائيات دقيقة وبالأرقام عن نسب الطلاق وحالته في الأجيال السابقة فأنه من المعروف إنه كان بالكاد أحدهم يسمع عن حالة طلاق تحصل هنا أو هناك. أما اليوم للأسف دائمًا ما نسمع عن هذه الحالات وهذه الأرقام المرتفعة ولا نستطيع فعل شيء حيالها.
لذلك سنتعرف في هذا الموضوع على أسباب الطلاق ونسبه المرتفعة في الأجيال الحالية وما الذي أودى بالكثير من الزيجات اليوم إلى هذه الحال، عسى إن معرفة ووعي الناس بالأسباب من شأنه أن يجعلهم أكثر يقظة وتنبه لهذه الجوانب من حياتهم ويؤدي بهم إلى زيجات أكثر استقرارًا وثبات من أجل مجتمع صحيح ومعافى.
أسباب الطلاق المرتفعة في الآونة الأخيرة
عند الحديث عن أسباب الطلاق فأن الكثيرين يظنون إن الأسباب المالية هي أول وأكثر الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق، إلا إن ذلك غير صحيح فقديمًا مع الأجيال السابقة كانت الظروف المعيشية والمادية أسوء منها مع أجيال اليوم ولم تكن نسب الطلاق في ذلك الوقت تصل إلى نصف النسب الحالية، كذلك فأنه حتى في الدول التي تتمتع شعوبها بمعدلات دخل عالية مثل دول الخليج مثلًا تصل فيها معدلات الطلاق إلى مستويات مرتفعة كما بينا في بداية المقال هذا، وعلى الرغم من ذلك فأننا لا ننفي الأسباب المادية من قائمة أسباب الطلاق هذه ولكنها ليست في رأس القائمة، وإليك قائمة الأسباب الفعلية التي أدت إلى ارتفاع معدلات الطلاق.
1 – الأنترنت
مع دخول عصر الأنترنت والتواصل الإلكتروني وزمن السوشال ميديا تغير شكل الحياة بالكامل بما في ذلك الحياة الزوجية، صحيح إن هذه التكنلوجيا سهلت الكثير من جوانب حياتنا وجعلتنا على تواصل دائم مع من حولنا إلا إن الأمور ليست بهذه المثالية. زادت معدلات الغيرة بين الأزواج نتيجة سهولة التواصل هذا مع الأخرين، وبالتالي سهولة الكذب والخداع والخيانة بين الأزواج.
بحسب دراسة أمريكية فأن 15% من الناس قالوا إن مواقع التواصل الاجتماعي خطيرة على العلاقات الزوجية، المفاجئ في هذه الدراسة كانت حسب ما قاله %15 من الأبناء اليافعين الذين اعترفوا إنهم لاحظوا في حسابات أحد والديهم محاولات لخيانة الطرف الأخر.
إضافة لذلك، صار كثير من الأزواج ينشغلون بهذه المواقع عن التواصل مع الشريك الزوجي وبالتالي تبدأ العلاقة تسوء شيئًا فشيئًا وصولًا إلى الطلاق.
2 – الدراما الخادعة
وهذا الكلام ينطبق على الزوجات أكثر منه على الأزواج، المسلسلات التركية والهندية والروايات الرومانسية التي تصور الزواج بتلك الصورة المثالية المفرطة في الكمال حولت الزواج في نظر الفتيات المتابعات لهذه الدراما إلى صدمة من الفترة الأولى للزواج والتي لا يجدن فيه ما شاهدهن على الشاشة، مما يجعل العلاقة تسوء بين الزوجين. الأمر الذي جعل هذا الشكل من الدراما من العوامل التي تؤدي إلى زواج فاشل وبالتالي من أسباب الطلاق.
الرومانسية الزائدة والأحداث العاطفية الصادمة التي تبدع هذه الأعمال بتصويرها، إضافة إلى الجمال الملفت سواء لبطل أو بطلة العمل يجعل الأزواج ينظرون لزوجاهم بنظرة مأساوية – والعكس صحيح – ويتمنون أن يكون شريكهم كما البطل. طبعًا هذا التوصيف لا ينطبق على كل الأزواج فالأزواج المتفهمين حتمًا يتعاملون مع الموضوع بشكل مختلف ويدركون زيف الموضوع.
3 – الأسباب الجنسية
المشاكل الجنسية سبب أخر لقسم كبير من الأزواج في المجتمعات العربية، ورغم إنه في الغالب تكون هذه المشاكل من الممكن معالجتها إذا ما تم الاستعانة بمتخصص حسب الحالة، إلا إنه يصعب على الزوجين وخاصة إذا ما كانوا متزوجين حديثًا التعامل مع الأمر بالطريقة الصحيحة، وبالتالي يؤدي إلى مزيد من النفور كلٌ من الأخر واتساع الفجوة بينهم وصولًا إلى الطلاق في كثير من الحالات التي تواجه هكذا مشاكل.
4 – عدم تقبل الطرفين لبعضهم
عدم قدرة الزوجة على تقبل طباع الزوج أو بالعكس أيضًا يعتبر من الأسباب الرئيسة للطلاق، ثقافة مجتمعاتنا التربوية لا تهيئ الأشخاص عادةً للزواج من هذه الناحية وخاصة إذا لم يسبق الزواج فترة خطوبة وتعارف، وبالتالي يقبل الطرفين على بيت الزوجية دون وعي منهم بأنه عليهم تقبل الطرف الآخر باختلافاته والتنازل قليلًا في هذا الموضوع في سبيل تحقيق الاستقرار والانسجام المطلوب تواجده بين الزوجين.
5 – القوانين سهلت الموضوع على المرأة
في معظم البلدان العربية صارت القوانين تسهل على المرأة إجراءات الطلاق والمخالعة على عكس ما كان سائد سابقًا، فصار بإمكان المرأة المطالبة بالطلاق وقتما شاءت ولأبسط الأسباب، بل وبعض البلدان تفرض قوانينها على الرجل النفقة وتأمين المسكن لطليقته في حال كان لديهم أطفال. هذا الأمر ساهم في زيادة حالات الطلاق بشكل كبير في المجتمع.
6 – الظروف الاقتصادية
الظروف الاقتصادية للزوجين من الممكن أن تساهم في تعقيد الأمور في العلاقات الزوجية ووصولها حد الطلاق، عند عجز الزوج عن الالتزام بواجباته فيما يخص النفقات على الأسرة والبيت تزيد احتمالية ظهور المشاكل وعدم تقبل الزوجة لهذا الوضع.
إضافة إلى أمكانية المرأة في كثير من الحالات من تأمين مصدر دخل جيد لها خاصة إذا ما كانت متعلمة أو من حملة الشهادات، وبالتالي لن يروق لها إن لم يكن الزوج أيضًا من ذات المستوى الوظيفي الذي هي فيه، وكذلك هذا يزيد من احتمالية ظهور المشاكل وتفاقمها، بل وترى الزوجة مع عملها إمكانية الانفصال عن الزوج بسهولة والاعتماد على نفسها دون سند أو معيل متمثل بزوج.
هذه هي الأسباب الستة الرئيسية التي ساهمت في زيادة معدلات الطلاق في المجتمعات العربية وأدت إلى وصول هذه المعدلات إلى مستويات قياسية لم تكن قد وصلت لها مع الأجيال السابقة.
بالتأكيد يوجد أسباب أخرى من الممكن أن تضاف إلى أسباب الطلاق هذه ولكن ذكرنا هنا الأسباب الرئيسية والتي هي على رأس قائمة أسباب الطلاق في مجتمعاتنا، إن كنت ترى إن هناك عوامل أخرى أدت إلى ارتفاع معدلات الطلاق أخبرنا بها في التعليقات.