يقبل الكثير من الرجال والشباب بما فيهم فئة المراهقين على تناول مشروب الطاقة ريد بول حيث يعد من المشروبات الرائجة بكثرة بينهم في معظم دول العالم. وعلى الرغم من إنه يصنف من ضمن المشروبات الغازية، إلا إن مكوناته تختلف عن مكونات المشروبات الغازية العادية بدرجة كبيرة وتأثيره الذي يحدثه بالجسم يختلف عن تأثير أي من المشروبات الغازية الأخرى.
معظمنا بما فيهم محدثكم هذا يعتمدون على القهوة خلال يومهم العادي لمد الجسم بشيء من الطاقة والحيوية بتأثير الكافيين الموجود فيها، إلا إن مفعول الكافيين سرعان ما يتلاشى تأثيره خلال وقت قصير ربما لا يتجاوز الساعتين إلى ثلاثة. ومنا هنا جاءت الحاجة إلى مشروب الطاقة ريد بول (أو غيره من مشروبات الطاقة من ماركات أخرى) ليحدث ذات تأثير الكافيين الموجود في القهوة بالجسم ولكن بتأثير أقوى ويدوم لمدة أطول.
ولهذا السبب يقبل الناس وخاصة الشباب منهم على مشروبات الطاقة، فالشباب في الغالب تكون أوقاتهم مليئة بالأعمال والمهمات ويحتاجون لوقت أطول من الوعي والصحو كي ينجزوا المطلوب منهم، مما يجعلهم يلجؤون إلى مشروبات الطاقة التي تؤمن لهم ذلك. وكذلك يعتمدون على مشروبات الطاقة كونها تمنحهم شعور بالحيوية والنشاط وتخفف بالمقابل من شعور التعب والأعياء، مما يجعله أيضًا – أي مشروبات الطاقة – من المشروبات المناسبة للرياضيين والذين يمارسون الرياضات المتعبة أو القاسية.
ما المشكلة في مشروبات الطاقة؟
كمية كبيرة من الكافيين
تكمن المشكلة مع مشروب الطاقة ريد بول بالكمية الكبيرة من الكافيين الموجودة فيه. تحتوي مشروبات الطاقة عمومًا على كميات كبيرة من الكافيين تفوق تلك الموجود في القهوة والشاي وباقي المشروبات الغازية، حيث يعد الكافيين هو المكون الأساسي في مشروب الطاقة ريد بول وغيره من مشروبات الطاقة.
تحتوي علبة مشروب الطاقة على نحو 30 مللي غرام من الكافيين لكل 100 مللي غرام من المشروب، وعادةً ما تكون علب مشروبات الطاقة تحوي 350 مللي غرام من المشروب أي نحو 112 مللي غرام من الكافيين، بل وتنتج الشركات مشروباتها بنسب أعلى من ذلك من الكافيين يصل أحيانًا إلى ضعف هذا الرقم، مما يجعل كمية الكافيين في مشروبات الطاقة أعلى من الكميات الموصى بها من قبل الجهات والمنظمات الصحية.
كمية كبيرة من السكر
بالإضافة إلى كميات الكافيين الكبيرة الموجودة في مشروبات الطاقة، فأنه يحتوي على كميات من السكر أكثر من الحد الطبيعي الموصى به. فمثلًا عبوة واحدة من مشروب الطاقة ريد بول تحتوي على نحو 37 غرام من السكر وهذا أكثر من الحد الطبيعي بـ 12 غرام. حيث يوصى بعدم تجاوز كمية 25 غرام من السكر يوميًا. وبالتالي 12 غرام زيادة من السكر تعتبر كمية كبيرة بالنظر إلى مصادر السكر الأخرى التي سيتناولها الشخص من الأطعمة والمشروبات الأخرى خلال اليوم.
يسهل الإفراط بتناولها
بسبب توفرها وسهولة الحصول عليها في أي مكان والحملات التسويقية التي تقوم بها الشركات المنتجة لهذه الأنواع من المشروبات، إضافة إلى مذاقها الحلو لما تحتويه من السكر والشعور الذي ينتاب الشخص بعد تناولها تجعل من السهل الإفراط فيها وحتى الإدمان على تناولها.
إضافة إلى أن الكثير من الأشخاص تحل لديهم عبوة من مشروب الطاقة ريد بول محل الوجبة الغذائية في منتصف النهار أو في الصباح كونه تكون أسهل من الوجبة الغذائية لتناولها، حيث يمكنهم شرب العبوة وهم في طريقهم إلى العمل أو أثناء القيادة على الطريق؛ مما يمنحهم ذلك مزيد من الوقت في نظرهم كونهم وفروا وقت الجلوس على المائدة.
إلى إن ذلك يعود بتأثير سلبي على جسم الشخص وتظهر النتائج بعد فترة قصيرة لا تتعدى الساعتين إلى ثلاث، فالغذاء هو الشكل الأفضل للحصول على الطاقة ومنح الجسم ما يلزمه من العناصر الغذائية الضرورية لقيام أعضاء الجسم المختلفة بوظائفها المعتادة. أما ما يشاع عن احتواء مشروبات الطاقة على الفيتامينات والمعادن فلا يتجاوز ذلك كونه جزء من الحملات الترويجية لتحسين صورة المشروبات هذه في نظر المستهلكين.
أضرار مشروب الطاقة ريد بول على الصحة
أضرار مشروبات الطاقة ريد بول جلها بسبب الكميات الكبيرة من الكافيين والسكر المتواجدة فيها، وتتمثل في الأضرار التالية
- تناول الكافيين بمعدل يفوق الحد الطبيعي يؤدي إلى زيادة نسبة الأملاح والكالسيوم في الدم وهذا بدوره يؤدي إلى تسارع في ضربات القلب وعدم انتظامها وارتفاع ضغط الدم.
- بعكس ما هو شائع فأن مشروبات الطاقة تحد من القدرات العقلية والمعرفية والإدراكية للشخص على المدى الطويل وهذا بحسب دراسة تمت عام 2010 على مجموعة من الطلاب الذي تقدموا لامتحان بعد شرب كمية من الكافيين، تبين إن الطلاب الذي تناولوا كمية أقل زادت لديهم القدرات المعرفية والعقلية خلال الامتحان.
- لأن مستويات الكافيين العالية تقلل من حساسية الجسم للأنسولين فأنه من المحتمل أن يسبب الإصابة بالسكري من النوع الثاني.
- تؤدي مشروبات الطاقات إلى تأثيرات سلبية على الجهاز العصبي في الجسم، مؤدية إلى مزيد من الانفعالات العصبية واضطرابات في النوم وأرق، وخاصة عند الأطفال واليافعين.
- تناول مشروبات الطاقة على المدى الطويل تؤدي إلى هشاشة العظام بسبب تأثيره على مستويات الكالسيوم في الجسم وانخفاضها.
- من أثاره كذلك على المدى الطويل اضطرابات هضمية وتشنجية وغثيان وقيء وصداع واختلال في التوازنات الهرمونية في الجسم مؤدية إلى السمنة المفرطة.
- بسبب الكميات الكبيرة من السكر المتواجدة فيها فأن ذلك يؤدي إلى تأثيرات سلبية على صحة الأسنان وتسوسها.
كيف يمكن التقليل من الاعتماد على هذه المشروبات؟
في حال كنت ممن يعتمدون على مشروبات الطاقة بشكل كبير أو يفرطون في استهلاكها بغض النظر أيً كانت أسبابك لفعل ذلك، يتوجب عليك إعادة النظر في سلوكك هذا بعد أن تعرفت على مخاطر وأضرار مشروبات الطاقة هذه على الصحة. ويمكن الاستغناء عن هذه المشروبات أو تقليل اعتمادك عليها من خلال تقليل استهلاكك لها بشكل تدريجي.
يمكنك مثلًا الاستغناء عنها في العطل الأسبوعية والإجازات كون هذه الأيام لا تكون فيها تحت ضغط العمل وبالتالي من المنطقي ألا تكون بحاجة لمشروبات الطاقة بينما أنت في المنزل وفي يوم راحتك. وبهذا الشكل تكون وضعت نفسك على الطريق الصحيح للحد من استهلاكك لهذه المشروبات.
بعد ذلك يمكنك التقليل منها خلال أيام العمل أو الأيام التي تكون فيها تحت الضغط أو التعب والأعياء، فمثلًا تجنبها أوقات الوجبات الرئيسية ولا تستعض بمشروب الطاقة عن الطعام. الطعام هو الأفضل لمد الجسم بالطاقة ولا يكون له أي تأثيرات سلبية كما مشروب الطاقة.
كذلك تجنب مشروبات الطاقة قبل النوم حتى لا يؤثر مستوى الكافيين العالي فيها على نومك، وبالتالي يؤدي ذلك إلى حصولك على قسط كافٍ وعميق من النوم يجعلك أكثر نشاط وحيوية في اليوم التالي بغض النظر عن علبة الريد بول. مثلًا يمكنك تجنب مشروبات الطاقة قبل أربع أو خمس ساعات من موعد نومك.
حاول التقليل من استهلاك مشروبات الطاقة واستبدلها بمشروبات تحوي نسب أقل من الكافيين مثل الشاي والقهوة، بالإضافة إلى احتوائها على نسب قليلة من الكافيين بالمقارنة مع مشروبات الطاقة فهي لا تحوي السكر في حالتها الطبيعية ما لم تقم أنت بإضافته إليها، ومع ذلك لا يصل كوب القهوة إلى ذات النسبة من السكر الموجود في الكافيين.
وهكذا يبدأ جسمك بالاعتياد تدريجيًا على نسب أقل من الكافيين ويمكنك الاستمرار بهذه الطريقة حتى التوقف عن استهلاك كافة أشكال الكافيين كليًا.
لا تحاول التوقف عنه بشكل فوري
لا ينصح بمحاولة التوقف عن تناول مشروبات الطاقة بشكل مفاجئ وكلي في الحالات التي تكون فيها معتاد على تناوله بشكل دائم، لأنه يكون جسمك معتاد على كميات الكافيين الكبيرة وبالتالي لا تستطيع حرمانه من ذلك فورًا، فسرعان ما تجد نفسك عدت إلى المشروب. لذا من الأفضل التقليل منه تدريجيًا حتى التوقف عنه بشكل كامل، وذلك كما ذكرنا هنا.
كيف تحصل على الطاقة من مصادر أخرى؟
تعد الأغذية الطبيعية هي أفضل المصادر للحصول على الطاقة التي يحتاجها الجسم ليبقى في حيويته ونشاطه المعتاد مع اعتبار العوامل الأخرى مثل الحصول على الوقت الكافي من النوم ومحاولة تجنب مصادر التوتر والإجهاد والضغط النفسي. أما الأغذية التي ينصح بها للحصول على الطاقة فيمكن الاعتماد على الشوفان والزبادي كوجبة الإفطار، وكذلك أنواع سلطات الخضار المختلفة والسمك والخضار بأنواعها والبيض والعسل والمكسرات، هذه الأطعمة تحوي أصناف متنوعة من العناصر الغذائية الكفيلة بمنحك ما يلزم من الطاقة طوال اليوم.