ليس من السهل الحديث عن عيوبك في المقابلات الشخصية التي تجري بغرض التقدم لوظيفة أو تدريب أو جامعة أو للحصول على منحة ما، كونها تكون هذه المقابلات لمعظم الأشخاص من أصعب المواقف التي يمرون بها في طريقهم للحصول على ما يريدون والوصول إلى هدفهم. وتكون المقابلات الشخصية في الغالب بعد التقدم بالسيرة الذاتية للجهة صاحبة العلاقة، وبالتالي بعد اطلاع هذه الجهة على السيرة الذاتية الخاصة بالمتقدم ومعرفتهم للكثير من المعلومات عنه.
الشيء الإيجابي في المقابلات هو إنه بمجرد دعوة الشخص للمقابلة فهذا يعني إن تلك الجهة قد أعجبت بإمكانيات هذا الشخص وتريد مقابلته وجهًا لوجه والتأكد من صحة ما ذكره في سيرته الذاتية، لذا تعتبر المقابلة فرصة للشخص لإثبات قدراته ومهاراته وجدارته بالشيء الذي تقدم له.
الكثير من الأشخاص يخسرون الفرصة التي يريدون بسبب المقابلة والمصاعب التي تتخللها بالنسبة لهم، وكما قلنا فإنه بمجرد دعوتك للمقابلة فهذا يعني إنك قطعت شوط كبير تجاه هذه الفرصة ومن غير المعقول إضاعتها بسبب عدم تمكنك من المقابلة أو الإجابة على الأسئلة فيها نتيجة حالة خوف أو ارتباك.
واحد من أكثر الأسئلة صعوبةً وإرباك هو السؤال عن عيوبك في المقابلات الشخصية والمشاكل في شخصيتك، فالجهة التي تريد أن تجري لك مقابلة تريد أن تعرف عن شخصيتك كل شيء مهم بالنسبة للعمل أو الغاية التي تسعى لها لدى هذه الجهة، ومن هذه الأمور هو سؤالها عن العيوب التي يراها الفرد في شخصيته، وفيما وراء هذا السؤال هو محاولة هذه الجهة لمعرفة كيف يمكن أن يتصرف الشخص إزاء المواقف التي قد تكون مربكة له؛ لذا قد يطلب منك في المقابلة التحدث عن عيوبك.
كيف تتكلم عن عيوبك في المقابلات الشخصية إذن؟
أسئلة من هذا النوع والتي يمكن أن تتعرض لها خلال المقابلات تكون على شكل “ما هي مميزات وعيوبك؟” أو “هل هناك أي مشاكل في شخصيتك؟” أو “ماهي السلبيات التي يمكن أن تخبرنا عنها في شخصيتك” أو أسئلة على هذا النمط.
ما الهدف من هكذا أسئلة؟
هناك عدة أمور من الممكن أن تحاول الجهة استخلاصها من هكذا أسئلة والتي ليست بالضرورة أن معرفة العيوب بحد ذاتها هو الهدف من وراء السؤال، من المعروف إن هكذا أسئلة تكون مربكة بعض الشيء للشخص الذي تجري المقابلة معه، لذا قد يحاولون من رواء هكذا أسئلة معرفة طبيعة شخصية الفرد وكيف يتصرف في مواقف محرجة أو مربكة.
إضافة إلى إنه قد يكون الهدف فعلًا معرفة عيوب الشخص وتشخيص المشاكل التي يعاني منها ولتوضيح كل نقاط اللبس والغموض حيث يساعد ذلك في تحديد ما إذا كان هذا الشخص مناسب للغاية التي تجري من أجلها المقابلة أي تكن.
كيف تجيب على السؤال؟
تجنب الإجابات المعدة مسبقًا
أولًا لا بد من الإشارة إلى إنه لا يوجد طريقة واحدة ومحددة للإجابة على هذا السؤال، ومن غير الممكن أن تحفظ مثلًا نموذج إجابة مسبقًا وتسرده خلال المقابلة لموظف الموارد البشرية أو الشخص الذي يجري لك المقابلة، لأنك ذلك لن يفيد ويعطي انطباع سلبي عنك وبالتالي تزيد الأمور سوء.
لا أحد خالٍ من العيوب
كذلك لا بد أن تعرف إنه لا يوجد شخص خالٍ من العيوب ومن يجرون معك هذه المقابلة بالتأكيد يعرفون ذلك، وبناءً على هذا فأنه إجابات من قبيل إنه ليس لدي عيوب أو كان لدي بعض العيوب البسيطة في شخصيتي سابقًا وعملت على إصلاحها لن تكون نافعة، بل ستكون كذب مكشوف ولن تصدق من قبل أحد.
مسؤولي الموارد البشرية الذين عادةً يجرون المقابلات يعرفون إن الكل لديهم عيوب، ولكن ما يهمهم معرفته عنك بينما تجري المقابلة هو كيف تتعامل مع عيوبك ومشاكل شخصيتك، كيف تحاول مواجهتها بحيث لا تؤثر على مسيرتك المهنية والبيئة التي تعمل فيها، يرغبون بمعرفة إذا ما كنت فعلًا تمتلك المرونة الكافية لتتجنب أن يكون لعيوبك أي تأثير على العمل الذي تؤديه وعلى أقرانك في العمل مثلًا، في حال كنت مسؤول عن فريق عمل مثلًا هل ستؤثر العيوب لديك على آلية عمل الفريق.
تذكر الهدف من المقابلة
تذكر إن مقابلات العمل تجري في الأساس لمحاولة تصفية المتقدمين واختيار المناسبين منهم فقط، وفي سبيل ذلك يسأل مسؤولي الموارد البشرية الأسئلة المربكة مثل هذه كي يدفعوا المتقدم ليكشف عن أشياء في شخصيته هو لا يرغب بالكشف أو الإفصاح عنها.
بعض الأشخاص يجعلون الأمور تزداد سوءً عندما توجه إليهم أسئلة تطلب منهم ذكر عيوبهم ومشاكل شخصيتهم، فيبدؤون على سبيل المثال بالتطرق لأمور غير مهمة للمسؤول الذي يجري معهم المقابلة وليس لها علاقة بطبيعة العمل المتقدمين إليه، كأن يتحدثون مثلًا بأن أوزانهم زائدة أكثر من اللازم أو لا يجيدون العمل على برنامج الفوتوشوب بالرغم من إن إتقان الفوتوشوب ليس من شروط الوظيفة ولا يلزم جهة العمل هذه. وبالتالي هذا يزيد الأمور سوء للمقابلة وتذهب بالاتجاه الغير مرغوب بالنسبة لك وهو رفضك.
وفي سبيل عدم حصول أي من هذه السيناريوهات الكارثية والغير مرغوبة بالنسبة لك، هذه مجموعة نصائح تساعدك في تقديم إجابة مثالية لهكذا أسئلة وتعطي الانطباع الإيجابي المرغوب عنك.
نصائح لتعطي إجابة مثالية عند الحديث عن عيوبك في المقابلات الشخصية
- من المهم معرفة نقاط ضعفك والعيوب التي تعاني منها وإلا لن تستطيع أن تعطي إجابة واضحة ومعبرة وتعطي الانطباع الإيجابي المطلوب عنك. في حال لا تعرف عيوبك يمكنك اللجوء لاختبارات تحليل الشخصية التي يجريها عادةً مدربي التنمية البشرية وستظهر لك نقاط الضعف لديك. وتذكر دائمًا إنه في حال لا تعرف نقاط الضعف لديك فلن تعرف نقاط القوة ومميزات شخصيتك والتي من الضروري الحديث عنها في المقابلة.
- كن صادق لأبعد الحدود خلال الإجابة ولا تحاول أن تعطي إجابة لامعة أو تستعرض شيء من مهاراتك. مثلًا تجنب قول إنك تعطي الكثير من الانتباه للتفاصيل الدقيقة، لأن هذه مشكلة في نظر الكثيرين وخاصة إن كنت متقدم إلى وظيفة لها علاقة بتفاصيل العمل، ذلك سيعني إنك ستستهلك الكثير من وقت العمل في الانشغال بالتفاصيل والجزئيات وهو الشي الذي لا تريده معظم جهات العمل.
- اذكر كيف تواجه المشاكل والعيوب ونقاط الضعف لديك، في حال كان لديك مشكلة ما سابقًا واستطعت مواجهتها والتخلص منها أخبرهم كيف فعلت ذلك، تحدث عن عيوبك الحالية وماهي خططك للتخلص منها. مثلًا يمكنك الحديث عن مشكلتك مع اللغة الإنكليزية وإنك لم تصل بعد لمستوى الطلاقة فيها وتحاول جاهدًا ذلك عبر دورات تدريبية تحضرها أو الاستماع إلى متحدثين أصليين باللغة وغير ذلك.
- لا تحفظ أجوبة مسبقة، كلنا نحاول التحضير لكل تفصيل في المقابلة وخاصة مثل هذه الأسئلة، ولكن طبيعة الإجابة على أي من الأسئلة قد تتغير بناءً على سياق الحديث ومدى كونك مرتاح في الحوار مع من يجرون المقابلة معك.
- كما أسلفنا تجنب ذكر أي نقاط ليس لها علاقة بطبيعة العمل الذي تجري المقابلة له وحتى لو كان لديك عيوب لا تذكرها إن لم يكن لها أي تأثير على العمل.
- تجنب الإجابات التي تحوي على شيء من الكذب أي تكن، لا تحاول إظهار إنك شخص كامل وليس لديك عيوب ودائمًا ما تؤدي عملك ومهامك على أكمل وجه لأن هذه إجابات غير معقولة وغير قابلة للتصديق مهما كانت مهاراتك في الأقناع قوية وممتازة.
أخيرًا
تذكر إنه لا يوجد إجابة موحدة يمكننا تقديمها لك، خذ بهذه النصائح التي ذكرناها واعتبر هذا السؤال فرصة لك لبناء الثقة بينك وبين الجهة التي تجري معها المقابلة. لا تنسى إن الكذب لا يقود إلى النجاة في غالب الأحوال. وباعتبار إنه تم دعوتك للمقابلة وخاصة إذا ما قدمت السيرة الذاتية الخاصة بك مسبقًا وتم قبولها، فهذا يعني إنك قطعت شوطًا كبيرًا للهدف الذي تسعى من أجله سواء كان فرصة عمل أو غير ذلك.
لا تجعل الإرباك يؤثر على إجابتك، كما قلنا مثل هذه الأسئلة هي فقط لمحاولة تلك الجهة معرفة شخصيتك أكثر وكيف ستؤثر على العمل في حال تم قبولك، فقط القليل من الوعي والنباهة مع الأخذ بالنصائح والإرشادات التي ذكرناه ستكون كفيلة بتقديمك لإجابة أكثر من رائعة وتعطي الانطباع الإيجابي المطلوب عنك، وكنا سبق وذكرنا في مقال سابق الأخطاء التي يقع فيها الكثيرون أثناء كتابة السيرة الذاتية يمكنك الاطلاع عليها من هنا.